Wednesday, May 27, 2009

تعالوا نتحدث قليلا عن تغيير العالم

تعالوا نتحدث قليلا عن تغيير العالم .. بعدما تحدثنا عن طويلا عن العالم الذي يستحق التغيير .... ذات صباح خريفي من اواخر ثمانينات القرن الماضي وقفت أنا واماني وعبير .. زميلات مدرسة الزيتون الحديثة الاعدادية .. نتعاهد على ألا ننسى امر الوطن ، قرأنا الفاتحة وأخذنا العهد وصرنا من "الأحرار يا علي" .. لكن علي لم يكن يعرف اكثر من انه لن ينسى .. لكن كيف ؟؟ لا جواب .. واصلنا مشاعر الغضب الغائمة .. ذاكرنا وتفوقنا .. قضينا ساعات طويلة في مكتبات المدارس .. سألنا كثيرا عن الاشتراكية والناصرية والاسلام السياسي .. دخل العراق الكويت واتضربت العراق اول ضرباتها الموجعة سنة 90 ونحن فتيات لا نملك إلا حق البكاء والاستماع للتحليل السياسي الرفيع من عم صابر عيسى البقال على ناصية حارتنا .. وشراء الأهالي والشعب ومصر الفتاة .. غضب في غضب .. لكن العالم منذ اغسطس 90 كان قد فتح صفحة جديدة .. صار اكثر قبحا وأكثر استحقاقا للتغيير .. العالم وتحديدا مصر ..... في الجامعة وطأت اقدامنا لأول مرة الحياة السياسية .. كانت عبير قد تزوجت وانحسر التنظيم في أنا واماني انضممنا للحزب الناصري .. ولاتحاد اندية الفكر الناصري بجامعات مصر .. انخرطنا فيما كنا نعتقد انه عمل نضالي .. نقضي نهارات طويلة في المناقشات والجلسات والندوات .. نحتسي شايا احمر قبل بزوغ عصر النسكافيه .. نسير في مظاهرات .. نقضي مساءاتنا في المقاهي .. نعيش الايام التي يحكي عنها مؤمن المحمدي بقصايد موجعة .. بالمناسبة لم تكن أياما موجعة .. كنا نعتقد أننا نمنح الوطن بركات نضالاتنا في حين أن ما اعطته لنا تلك الأيام أكثر بكثير من أن يحكى .. كسبنا رفقة حلوة لا تمنحك الحياة اياها على الاطلاق اذا كنت قد قضيت اعوامك الجامعية على سلم الكلية برفقة فتيات الكعب العالي .. أو في المدرجات برفقة اساتذة السور العالي .. عشنا مشاعر طازجة اكتشفنا من خلالها العالم ..كان أمين اسكندر ينصحنا دائما انه لا داعي لان تكتشف الكهرباء مرتين .. لكننا كنا نلمس بايدينا وتر الحياة عاريا كل يوم فنتكهرب وتصيبنا لذة الادراك .. لم تكن الصحبة ولا المعرفة ولا ذلك المجد المتخيل ولا طرائق التفكير ومناهجه هو كل ما كسبناه .. كان عالما حقيقيا بين ايدينا .. ليس العالم الذي اردنا تغييره من بوابة مصر .. ولا العالم الجديد الذي حصدناه ... كان العالم الخاص بنا جدا وفق المفهوم الوجودي .. منحنا ما اعتقدنا انه نضال حياة نستطيع ان نعيشها حتى نموت .....كانت آخر أيام النضال في انتخابات مجلس الشعب ، كنا نناصر مرشحا وطنيا .. وبينما ماتت سيدتين عجوزين في لجان الانتخاب التي ضربها الأمن بالقنابل المسيلة للدموع .. وبينما انا كدت أموت اختناقا .. حيث لأول مرة أشهد تجربة قنابل الدخان في مكان مغلق حيث تستخدم عادة لتفريق المتظاهرين ودفعهم للجري بعيدا .. وحيث لم يكن ثمة مكان بعيد .. كانت احدى غباوات الأمن التي قتلت ناخبتين لم تنخرطا قبلا في نضال عام او خاص .. المهم مرت الأيام ونجح مرشحنا الوطني بمقعد البرلمان بينما لم يتغير البرلمان كثيرا ولا الوطن .. لم يكن الأمر يستحق موت المرأتين .. تغيرت فقط حياتنا .. زهدنا في حياة النضال ... التعبير الأدق ليس الزهد قدر ما هو العودة للمربع رقم واحد .. فبينما كانت الفتيات الصغيرات في المدرسة الاعدادية غاضبات يفتقدن الطريق عدنا لنصبح ونحن كبار هكذا غاضبون ونفتقد الطريق .لا مجلس الشعب يصلح طريقا للتغيير ولا المظاهرات غيرت البلد قدر ما غيرتنا ولا الناس الذين تشدقنا طويلا بالرهان عليهم يفعلون مع يصدق فكرة الرهان .. لا يفعلون سوى الغرق في الفساد كلما فسد النظام ..ولا النظام الذي راهنا في لحظات كثيرة على قربه من السقوط سقط .. اشرف ميلاد روكس يرى انه في القاع اصلا .. فلا مجال للسقوط .. ولا مصر صارت هي مصر التي نعرفها ... صار تقلب بعضنا في بلاد الغربة افضل كثيرا من كل جلسات المقاهي التي نفتقدها ونعلم انها لم تقدم شيئا سوى روقان البال مع الشاي بالنعناع .... لأحمد نصر الدين توصيف دقيق للامر .. حين تم اعتقاله لاسبوعين بسجن مزرعة طرة بعد مظاهرات الاحتجاج على مشاركة اسرائيل في المعرض الصناعي سنة 1994 ، قال ان فترة المعتقل لم تكن أكثر من نزهة ... في الواقع اننا تنزهنا كثيرا باسم الوطن وعلى ضفافه .. قطفنا من متعه ما لا يؤهلنا للقيام بفعل التغيير .. اليوم وقد بات الوطن يستحق تغييرا حقيقيا ويقف على ابوابه يعتقد شباب 6 ابريل انهم يناضلون .. ويعتقد شباب حزب الغد انهم يناضلون .. ويعتقد شباب الأخوان انهم يناضلون .. في الحقيقة اعتقد ان الوطن ما زال يشبه فلوكة تنمح شبابه نسيم العصاري بينما لا يمنحونه هو التغيير .. اما انا وأماني وعبير فقد تزوجنا جميعا وصارت اقصى شجاعة قد نقوم بها هي الصمود في تربية العيال .. وبعض الثرثرات على الفاس بوك ... حديث التغيير لم يفتح اصلا .. انا لا املك مفتاحه .. لكني اعتقد اننا قد نتحاور علنا نقترب .

Thursday, May 21, 2009

عن الموت والشماتة والتوريث .. في انتظار خبر




احيانا اعتقد انه لا حاجة لجهنم .. يكفي ان تحرم من بهجة الحياة عقابا .. ، لا احب الموت .. لكنه سيأتي على أية حال ، في طريقي كانت عربة اسعاف تنقل شخصا داهمه عرض ما بينما هو يتسوق بمول الامارات ، تذكرت جملة فاطمة خير "لا شماتة في الموت فهو أقرب الينا من حبل الوريد" ، تعرف فاطمة انني لا انسى أبدا أن الموت أقرب من حبل الوريد .. نحن نرى الموت كل يوم على شاشة الفضائيات معنونا بالخبر عن من يموتون في غزة .. والعراق وافغانستان .. من يقتلون قرب المعابر وداخل بيوتهم التي كان لابد ان تكون آمنة .. أعرف أن الموت قريب لدرجة أننا لم نعد نهتز له .. وتعرف أيضا انني لا اشمت فيمن يصيبهم قضاء الله .حين سمعت بوفاة حفيد مبارك بهت .. ، في البداية لم اتصور كيف يعيش مبارك كل هذا العمر فوق رقابنا بينما يموت حفيده .. الصبي الصغير الذي لم يحكم ولم يظلم ولم تكن حياته وموته مسالة تغيير ديموقراطي ، فكرت أن أكتب "مبارك قاهر الموت ، يموت حفيده ، ويعيش هو " لكنني تحرجت وصمتت .. وأكتفيت بالبقاء لله" .ثلاث ايام وانتشرت شائعة دخول الرئيس في حالة صحية حرجة ، موت محمد علاء الذي اكتسب خاصية كونه حالة انسانية بحتة لا يتشابه مع الموت المتوقع لمبارك .. الذي يبدو لي منذ زمن طويل أنه وسيلة التغيير الديموقراطية الوحيدة المتاحة للمصريين .. واقعيا وحتى لا ازيف مشاعري لا يمكن ان ادعي حزني في حال موت مبارك ،، اعتقد ان كثيرين مثلي .. اي شخص ينتظر أن تتحسن احوال مصر لا يرى سبيلا لهذا سوى بموت مبارك حيث تعذرت وسائل التغيير الديموقراطي الطبيعية كبقية شعوب الله ..مبارك مريض في المستشفى حزننا على حفيده الراحل .. الذي أثارت وفاته المفاجئة تعاطف كل المصريين .. مبارك في الأغلب هو جثة تجلس على كرسي الحكم منذ سنوات طويلة بينما يدير البلاد الهانم وولدها .. ومن وقتها ارتفعت درجة الجحيم الذي نعيشه من الدرجة الرابعة للدرجة السادسة ، لكن الجثة وقد آن أوان موتها الحقيقي .. ومع موجة التعاطف الجارفة الحنان من شعب طيب وبن حلال سيكون هذا هو انسب ظرف للتوريث واهو جمال برضه عم الواد وقلبه مكسور على ابن اخوه .من هنا تأتي خطورة التعاطف .. فمن التعاطف ما قتلالموت قريب .. قد اموت قبل أن اضغط على زر نشر هذه التدوينة .. قد أموت بعد ساعات في الفراش .. قد اموت وكدت أفعلها في حادث سيارة غير غامض .. لا يؤخرون اجلهم ولا يستقدمون .. الفارق بين موتي وبين موت مبارك المنتظر هو أني لا اغتصب السلطة في بلد عريق لأحولها لعزبة قابلة للتوريث .. ولا أتمسك بالحكم وانا في عقدي التاسع كما يتمسك طفل صغير بلعبة اخوه الأكبر منه قبل أن يكسرها ، لو مت فربما تحزنون لأنكم اصدقائي ... وربما لن يعنيكم الأمر .. لكن مكاني الذي سيشغر لن يكون مطمحا لأنه هامش صغير على حافة عوالمكم .. ربما لا يضر .. ربما لا يفيد ..حينما أموت لن أفتقد السلطة ولا الهيلمان .. ولا العرش .. ولا نفاق المنافقين .. ولا القوة .. حينما اموت سافقد الغربة .. وسأفقد متاعبي التي احبها .. غلاسات المديرين .. طلبات الأولاد التي لا تنتهي .. اضطراري اليومي للاستيقاظ مبكرا رغم احتياجي لنص ساعة زيادة نوم .. نوبات الصداع .. احلامي التي لم احققها ..سافقد حياتي التي احبها .لا شماتة في الموت لكنه في القاموس المصري ضرورة ديموقراطيةلا شماتة في الموت .. لكن بدون توريث البقاء لله .