Saturday, July 12, 2008

عطشان والنيل في بلادي .....

كان حلما غريبا ، رأيتني أسير على هامش النهر .. كنت قريبة للغاية من مجراه ، وكان الماء رائقا يكاد لا يوصف سحره ، اخذت حفنة من الماء بين كفي .. شربت وغسلت وجهي وقلت له "انت يا نيل هو كل ما افتقده .. وحشتني " واتجهت الى الطائرة التي سوف تعيدني الى دبي ، كنت اتذكر للحلم مشهدا مشهدا وأنا افيق من نومي ، قال لي احمد " يبدو انك تحنين لمصر " في الواقع انا لا حن لمصر ، وهذا ما يعذبني

كان ينبغي ان اتحرق شوقا لمصر ، توحشني واوحشها .. كيف نمت كل هذه الجفوة بيننا ، لا يؤلمني الفراق ، بينما يميتني الجفاء

لا اعتبره حدثا عابرا ان يسألني سائقو التاكسي ان كنت هندية ، اشعر وكأن ملامحي قد انسلخت مني ، اتساءل كيف يحدث هذا وانا التي التي كان الناس يعرفون انني مصرية اينما حللت .. كنت اضحك دائما وأنا اشير لوجهي قائلة "فرعوني اصلي " ، يبدو انه لم يعد هكذا ، ويبدو انني خاصمت مصر وخاصمتني حتى انها سلبتني ملامحي

الم اقل لكم يميتني الجفاء

بين حين وآخر تتسلل مصر الى داخلي ، اشم فجأة رائحة شوارعها ، اسمع اصوات الشوارع ، وكأنها تحايلني وتذكرني بأيامي فيها ، وشوارع لطالما احببتها ، مرة اشعر وكأنني في شارع القصر العيني ، مرة أخرى اشعر وكأنني اسير في كل فوضى شارع زغلول في الهرم ، مرة ثالثة تداهمنى فوضى أكبر هي شارع الثلاثين بفيصل ، تذكرني مصر انني سرت في كل هذه الشوارع حاملة حلمي على كتفي .. .. كنت صغيرة وكنت اكبر شيئا فشئ .. بينما تبعد احلامي .. كنت في اوقات اشعر برأسي يحلق في سموات بلا حدود لا تعذبني الميكروباسات ولا احزن بفوضى الشوارع ولا يهزني تلك النقود القليلة في حقيبة يدي .. كانت يكفيني ان اشعر بأن لي حلم في القاهرة ، وكان يهمني كثيرا ان يكون حلمي في القاهرة ، كان القليل يكفيني ويسعدني ، حتى عز القليل من الحلم

في سنواتي الأخيرة في القاهرة دفعتني لأن اتحول الى ربة منزل عاملة تكافح كي تسير الايام

اما كان ينبغي ان يستمر لي خيط حلم في القاهرة

في الحقيقة افتقد النيل وافتقد الطعمية بالشطة وعصير القصب والمحشي بتاع امي وافتقد بنتا صغيرة كنتها كانت احلامها تكفي العالم .. مازلت احلم لكنني غيرت الخريطة .. اقول لمن يسألني الآن انني انتمي لأرض الله الواسعة ..