Saturday, May 24, 2008

ايام المول

افتقد الرسائل التي كنت اكتبها لاحمد في الغياب ، الرسائل وسيلة رومانسية للتواصل .. والغياب له بعض المزايا ..في غيابه لم يكن احمد يراني وانا ملبوخة مع الولاد في تفاصيل الحياة اليومية .. بالامس انسدت ماسورة الصرف في المطبخ وانفجرت المياه في مطبخنا المفتوح على شقة صغيرة وانيقة .. كان المشهد مأسويا وشعرت بأنني جئت من القاهرة لافسد جماليات شقة دبي ، في الواقع يبدو ايضا ان الشقة الصغيرة والانيقة لم تكن تحتملني انا واولادي قادمين محملين بتراثنا القاهري في الفوضى ، شعر احمد بأني افسد حياته ، وشعرت انا بالظلم الفادح .. لم يكن ذنبي ان تنفجر الماسورة في وجههي وبت ليلتي باكية
انتعشت قليلا في الصباح بذهابي الى المول .. اشتريت خبزا لبنانيا ولحما نيوزلانديا وطماطم اماراتية وهكذا انتعشت
هكذا هي دبي .. او هكذا ما استطعت ان اراه منها حتى الآن .. اسكن بجوار المول وكلما اردت الخروج اصطحبت اولادي ووضعتهم في سلة التسوق وطفت بهم بين ملايين البضائع المنتمية لملايين الجنسيات
لكن رغم هذا لا اكره المدينة فلهوائها رائحة البحر .. وحرارة الجو لا تزعج امثالي الذين يحبون الصيف ، فقط ليس امامي متسع من الفرص للتجول ومعرفة المزيد من اسرارها وانا مصرية صبورة سأصبر حتى تمنحني بعضا من عطرها .
اما مصر فقد اوحشتني .. هذه الشوارع والبشر .. والضوضاء .. ورغم اني ادرك انني وكأنني في منتجع للاستشفاء من الام مصر .. احتاج لهدوء دبي .. ونظامها وأملها بحياة نظيفة وكريمة .. الا انني اختنق في اوقات عديدة وانا اقول لنفسي ساقضي الوقت بين مول ومول .. وقد انقضى عهد تمشيات فيصل والهرم وزحام المهندسين ووجوه المصريين المطحونة التي تركت في قلبي مرارة ما قبل الرحيل.
. .

Wednesday, May 21, 2008

الرجل الباكستاني


انا الآن في دبي ، اقابل بشرا من كل بقاع الأرض ، ملامح آسيوية وأوربية وافريقية ، بشرا ودودين يبتسمون في ود .. يسألني الناس .. هل انت اماراتية فأرد بملء الفم i,m egyptian

لكن حمزة يظل يسألني طوال اليوم : لماذا خلقنا الله مصريين ؟؟ فقد اعجبته دبي كثيرا واتغير من اول تي شيرت .. نقضي الامسيات نسمع الشيخ امام .. نذهب للمول .. نتسوق .. تأتي مصر تحت لافنة "فاصوليا مصرية " برتقال مصري " " ارز مصري " اشترت ارزا مصريا بحنين بالغ ... في الحقيقة كنت أغار من الهنود والأسيويين الذين ملأوا بأنماطهم وثقافتهم الغذائية كل ارجاء الحياة .. حتى الانجليزية هنا تحولت لانجليزية هندية تسمعها دائما من افواه السائقين .

اكثر ما اشتقت اليه في القاهرة سائقي التاكسي الذين كانوا يملأونني بحكاياتهم .. يظلون يحكون لك عن ابنائهم ومشاكلهم وأزمة المرور ورغيف الخبز ، هنا لا احد يحكي .. واخاف ان افتقد الحكايات

الرجل الباكستاني الذي جاء اليوم لتركيب خط الانترنت هو اول من تبادل معي الحكايات .. اخبرني عن ابنائه الذين يعملون في دبي واحفاده الذين في باكستان، امتد الحوار ليشمل اسامة بن لادن وامريكا.. ، كنت سعيدة جدا بجملي الانجليزية القليلة معه ..ثم اخذت افكر ان لهذا الرجل وجها آخر ، لابد وأنه يصير رجلا آخر وهو يحكي بلغته الباكستانية مع اولاده واحفاده .. هل أرى وجوها حقيقية ؟؟؟ هل سأظل احكي قصصا عن بشر وأماكن تستحق ان تحكى ؟؟ لنر معا ما سيملأ جعبة الحكايات في الأيام القادمة