Wednesday, January 21, 2009

حلوة بلادي .. عندما كانت تحارب



وكأنه أخذ عهدا على نفسه ألا يحارب ، يؤكد الرئيس مبارك في مأثوراته الخالدة أننا لن نحارب لن نحارب ، مرة يقولها لاسرائيل مؤكدا لها أنها لن تجرنا لحرب ، ومرة يقول لحماس انهم لن يجرونا لحرب .. وما بين اسرائيل وحماس تدور رحى الحرب فعلا .. يعتقد البعض أن مصر بمنجى .. ويعتقدون ان ما تقدمه مصر من تنازلات سياسية لاسرائيل ثمنا كافيا لنعمة السلام .. ولا أحد يسأل ماذا لو انتهى رصيد ما يمكن ان يقدم من التنازلات ؟؟ وما الذي يمنع اسرائيل أن تبدأ هي حربا على مصر .. بل ما الذي منعها سابقا .. وما زالت البيوت تتذكر شهدائها

زمن مضى
كانت البيوت تهتف "هنحارب .. هنحارب" كانت مرسومة على جدران البيوت ، خارجة قوية من الحناجر .. كانت مصر خارجة من حرب ومهزومة .. وكانت تستعد لحرب كي تنتصر ، هنحارب .. وبالفعل حاربنا وانتصرنا .. وكان للنصر طعم الحرية

في 6 أكتوبر سنة 1973 خلعت ميرفت محمد عكاشة حليها وزادتها بمائة جنيه أخرى كانت قد أدخرتها ، نزلت للسوق فاشترت فاكهه وسجائر ومصاحف ومعلبات .. مع آذان المغرب تحديدا توجهت مرفت للواء صلاح متولي نائب مدير أمن الجيزة .. سلمته ما اشترت للجنود
قصة من قصص كثيرة لمصريين قدموا كل شئ من اجل النصر ، لم تخاف مرفت من القنابل ولا الغارات .. كانت نوافذ البيوت مطلية بالأزرق الداكن .. وكانت ذكريات المدارس والمصانع التي قصفت ما تزال حاضرة .. لم تكن هناك الجزيرة ولا البي بي سي تحكي وقائع العدوان لحظة بلحظة .. لكنه كان حاضرا في العقل .. بينما لم يكن القلب خائفا .. كان يستعد لشرف المقاومة . كانت مصر تحارب .. نساء في المستشفيات يطببن الجرحى .. رجال على الجبهة .. لصوص توقفوا عن السرقة اجلالا للوطن (رواية متداولة تشير الى ان ملفات الشرطة خلت من اي واقعة سرقة في عام 1973 ولم أتمكن من التحقق من صحتها )

سلام وفساد
هكذا كانت مصر التي تحارب كرامة أكثر وحياة افضل .. في عام 1968 (بعد النكسة) كان اجمال ديون مصر .. 1,7 مليار دولار ، تشمل الديون العسكرية وديون السد العالي وغيرها من الديون ، حين رحل الرئيس السادات كانت مديونية مصر 44 مليار دولار ، في عام 1992 خفضت مصر ديونها ثمنا لمشاركتها في ضرب العراق .. فوصلت المديونية ل13 مليار دولار .. اليوم وصلت مديونيتنا مرة أخرى لما يزيد على 33 مليار دولار ، كل هذا ومصر لا تحارب ، اذن لماذا نقترض ، وأين تذهب الأموال المقترضة .. وما قيمة سلام بلا رخاء ولا تنمية علما بأنه قائم أصلا على انعدام الكرامة .. ينمو جنبا الى جنب مع الفساد .

هكذا يفكر العسكري العجوز
يؤكد الرئيس اننا لن نحارب ، يؤكد للعدو اننا لن نحارب مهما حدث وكأنه وهو العسكري العجوز لا يعرف شيئا عن مفاهيم الردع .. وكانه لا يدرك ان لا شئ يحميك سوى أن يخافك العدو .. الرئيس لا يصدق انه العدو .. وتلك هي المشكلة
المشكلة الأكبر ان مصريين طيبون صدقوه فناموا آمنين مطمئنين لحكمة الرئيس .. أغلبهم شباب لم ير حروبا سابقة الا عبر شاشة التلفاز .. أغلبهم شباب كان ينبغي بهم ان يكونوا جنودا على الجبهة يصدون العدوان المحتمل .. لكنهم خائفون
اسمعوا معي "حلوة بلادي" كانت حلوة عندما كانت تحارب